أدخل خلقه الجنة بكف واحدة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : صدق عمر» (١). فصدقه في إثبات الكف لله وسعتها وعظمتها.
فهذا القبض والبسط والطي باليمين والأخذ والوقوف عن يمين الرحمن والكف وتقليب القلوب بأصابعه ووضع السموات على إصبع والجبال على إصبع ، فذكر إحدى اليدين. ثم قوله : «وبيده الأخرى» ممتنع فيه اليد المجازية سواء كانت بمعنى القدرة أو بمعنى النعمة ، فإنها لا يتصرف فيها هذا التصرف. هذه لغة العرب ، نظمهم ونثرهم ، هل تجدون فيها ذلك أصلا؟!.
الوجه الثالث عشر : إن الله تعالى أنكر على اليهود نسبة يده إلى النقص والعيب ولم ينكر عليهم إثبات اليد له تعالى فقال : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (المائدة : ٦٤) فلعنهم على وصف يده بالعيب دون إثبات يده وقدر إثباتها به زيادة على ما قالوه بأنهما يدان مبسوطتان وبهذا يعلم تلبيس الجهمية المعطلة على أشباه الأنعام حيث قالوا إن الله لعن اليهود على إثبات اليد له سبحانه ، وأنهم مشبهة وهم أئمة المشبهة. فتأمل هذا الكذب من هذا القائل والتلبيس ، وأن الآية صريحة بخلاف قوله.
الوجه الرابع عشر : إن يد القدرة لا يعرف في الاستعمال أن يقال فيها يد فلان كذا هكذا ، فضلا أن يقال فعل هذا بيمينه ، فضلا عن أن يقال فعله بيديه ، فضلا عن أن يقال فعله بيمينه ، وإنما المستعمل في يد القدرة والنعمة أن تكون مجردة عن الإضافة وعن التثنية وعن نسبة الفعل إليها ، فيقال : لفلان عندي يد ، ولو لا يد له عندي ، ولا يكادون يقولون يده أو يداه عندي ، وله عندي يده ويداه ، يوضحه :
الوجه الخامس عشر : إن اليد حيث أريد بها النعمة أو القدرة فلا بد أن يقترن باللفظ ما يدل على ذلك ليحصل المراد : فأما أن تطلق ويراد بها ذلك فهذا لا
__________________
(١) [حسن] رواه عبد الرزاق في «الصنف» (٢٠٥٥٦) ، وذكره الحافظ الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٤٠٤) وعزاه لأحمد والطبراني في «الأوسط» وقال : وإسناده حسن ا ه.