وقالت طائفة أخرى : ما لم يكن ظاهره جوارح وأبعاضا ، كالعلم والحياة والقدرة والإرادة والكلام ، ولا يتأول ، وما كان ظاهره جوارح وأبعاضا كالوجه واليدين والقدم فإنه يتعين تأويله لاستلزام إثباته التركيب والتجسيم.
قال المثبتون : جوابنا لكم هو عين الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات ، فهم قالوا لكم : لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة الحياة لكان محلا للأعراض ، ولزم التركيب والتجسيم والانقسام ، كما قلتم : لو كان له وجه ويد وإصبع لزم التركيب والانقسام وحينئذ فما هو جوابكم لهؤلاء نجيبكم به.
فإن قلتم : نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضا ولا نسميها أعراضا فلا يستلزم تركيبا ولا تجسيما.
قيل لكم : ونحن نثبت الصفات التى أثبتها الله لنفسه ونفيتموها أنتم عنه على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح ، ولا يسمى المتصف بها مركبا ولا جسما ولا منقسما.
فإن قلتم : هذه لا يعقل منها إلا الأجزاء والأبعاض. قلنا لكم : وتلك لا يعقل منها إلا الأعراض.
فإن قلتم : العرض لا يبقى زمانين ، وصفات الرب تعالى باقية دائمة أبدية فليست أعراضا. قلنا : وكذلك الأبعاض هى ما جاز مفارقتها وانفصالها وذلك
__________________
عن معاذ البلخي يقول : كان جهم على معبر ترمذ ، وكان كوفى الأصل فصيحا ، ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم ، فقيل له : صف لنا ربك فدخل البيت لا يخرج كذا ، ثم خرج بعد أيام فقال : هو هذا الهواء مع كل شيء ، وفي كل شيء ، ولا يخلو منه شيء.
وأخرج البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة قال : كلام جهم صفة بلا معنى ، وبناء بلا أساس ، ولم يعدّ قط في أهل العلم ، وقد سئل عن رجل طلق قبل الدخول؟! فقال : تعتد امرأته.
وأورد آثارا كثيرة عن السلف في تكفير جهم. ا ه. المصدر السابق.