والقدرة والإرادة والرضى والغضب قائمة به سبحانه ، والرحمة الموجودة في العالم والإحسان والخير ، والنعمة والعقوبة آثار تلك الصفات ، وهي منفصلة عنه ، وهكذا علمه القائم به هو صفته. وأما علوم عباده فمن آثار علمه ، وقدرتهم من آثار قدرته ، فالتبس هذا الموضع على منكري نوره سبحانه ، ولبسوا من جرم الشمس والقمر والنار ، فلا بد من حمل قوله نور السموات والأرض على معنى أنه منور السموات والأرض ، وهاد لأهل السموات والأرض وحينئذ فنقول في :
الوجه السابع : أسأتم الظن بكلام الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم حيث فهمتهم أن حقيقة مدلوله أن سبحانه هو هذا النور الواقع على الحيطان والجدران ، وهذا الفهم الفاسد هو الذي أوجب لكم إنكار حقيقة نوره وجحده ، وجمعتم بين الفهم الفاسد وإنكار المعنى الحق ، وليس ما ذكرتم من النور هو نور الرب القائم به الّذي هو صفته ، وإنما هو مخلوق له منفصل عنه ، فإن هذه الأنوار المخلوقة إنما تكون في محل دون محل ، فالنور الفائض عن النار أو الشمس أو القمر إنما هو نور لبعض الأرض دون بعض ، فإنا نعلم أن نور الشمس الذي هو أعظم من نور القمر والكواكب والنار ، ليس هو نور جميع السموات والأرض ومن فيهن ، فمن ادعى أن ظاهر القرآن وكلام الرسول صلىاللهعليهوسلم أن نور الرب سبحانه هو هذا النور الفائض فقد كذب على الله ورسوله فلو كان لفظ النص : الله هو النور الذي تعاينونه وترونه في السموات والأرض لكان لفهم هؤلاء وتحريفهم مستندا ما ، أما ولفظ النص : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فمن أين يدل هذا بوجه ما أنه النور الفائض عن جرم الشمس والقمر والنار ، فإخراج نور الرب تعالى عن حقيقته وحمل لفظه على مجازه إنما استند إلى هذا الفهم الباطل الذي لم يدل عليه اللفظ بوجه.
الوجه الثامن : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسر هذه الآية بقوله : «أنت نور السموات والأرض» ولم يفهم منها أنه هو النور المنبسط على الحيطان والجدران ، ولا فهمه الصحابة عنه ، بل علموا أن لنور الرب تعالى شأنا آخر هو أعظم من أن يكون