والأرض ، ومختلفون في أن نقول نور فقلنا نحن نور ، وقلتم أنتم لا نقول نور فإن زعمتم أن معنى نور معنى هاد قلنا لكم فيجوز أن يكون غير نور بمعنى أنه هاد ، فإن قلتم : لا كذبتم القياس واللغة ، وإن قلتم نعم قلنا لكم سويتم بين النور والهادي الذي هو غير الله وبينه إن كان هو النور الهادي ، ومعنى هذا نور ، معنى كون هذا فقد استويا في معنيهما وأسمائهما فدخلتم فيما عبتم على مخالفيكم.
فإن قلتم : فالنور لا يكون إلا جسدا مجسدا أو ضياء ساطعا ، قلنا ولا يكون عالم بصير إلا لحما ودما متجزئا متبعضا ، فإن جاز قياسكم على مخالفيكم جاز قياسه عليكم ، فإن قلتم يجوز أن يكون عالم لا لحم ولا دم قيل لكم كذلك يجوز أن يكون نور لا جسد ولا ضوء ساطع وليس لكم إلا التعطيل والنفي لله سبحانه.
قال ابن فورك : وإنما استوفيت هذا الفصل من كتابه رحمهالله بألفاظه لتحقيقه هذا الوصف لله تمسكا بحكم الكتاب ، وإنه لا يرى أن يعدل عن الكتاب ما وجد السبيل إلى التمسك به لرأى وهوى لا يوجبه أصل صحيح قال :
فقد كشفت عن ذلك بغاية البيان ، وأزال اللبس فيه ، وأن السمع هو الحجة في تسمية الله سبحانه ؛ ولا يجب أن يحمل على المجاز ، لأنه يوجب أن يحمل ما ورد به السمع من إيمائه تعالى على المجاز.
وقال أبو بكر بن العربي : قد اختلف الناس بعد معرفتهم بالنور على ستة أقوال الأول : معناه هاد ، قاله ابن عباس ، والثاني : معناه منور قاله ابن مسعود ، وروي أن في مصحفه منور السموات والأرض ، والثالث : مزين وهو يرجع إلى معنى منور ، قاله أبي بن كعب ، الرابع : أنه ظاهر ، الخامس : ذو النور ، السادس : أنه نور لا كالأنوار قاله أبو الحسن الأشعري.
قال : وقالت المعتزلة : لا يقال له نور إلا بإضافة ، قال والصحيح عندنا إنه نور لا كالأنوار ، لأنه حقيقة ، والعدول عن الحقيقة إلى أنه هاد ومنور ، وما أشبه ذلك هو مجاز من غير دليل لا يصح.