وقال حنبل : قيل لأبي عبد الله : ينزل الله إلى سماء الدنيا؟ قال نعم ، قلت : نزوله بعلمه أم بما ذا؟ فقال اسكت عن هذا ، وغضب غضبا شديدا.
وقال ما لك : ولهذا امض الحديث كما ورد بلا كيف ولا تحديد إلا بما جاءت به الآثار ، وبما جاء به الكتاب ، قال الله تعالى : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) (النحل : ٧٤) ينزل كيف شاء بقدرته وعلمه وعظمته ، أحاط بكل شيء.
وقال بشر بن السري لحماد بن زيد : ينزل ربنا إلى السماء الدنيا يتحول من مكان إلى مكان؟ فسكت حماد ثم قال : هو مكانه يقرب من خلقه كيف شاء وقال أبو عمر بن عبد البر ـ أجمع العلماء من الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل ـ يعني تفسير القرآن ـ قالوا في تأويل قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) (المجادلة : ٧) هو على عرشه وعلمه بكل مكان ، وما خالفهم في ذلك من يحتج بقوله :
وقال : أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها : وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، لأنهم لا يكيفون شيئا من ذلك.
وقال أبو عبد الله الحاكم ، سمعت أبا زكريا العنبري يقول : سمعت إبراهيم ابن أبي طالب يقول ، سمعت أحمد بن سعيد الرابطي يقول : حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم وحضر إسحاق ـ يعني ابن راهويه ـ فسئل عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال : نعم فقال له بعض قواد الأمير عبد الله : يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال نعم ، قال كيف ينزل؟ قال له إسحاق : أثبته فوق حتى أصف لك النزول ، فقال له الرجل : أثبته فوق؟ فقال له إسحاق : قال الله جل شأنه (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) فقال الأمير عبد الله بن طاهر : يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة ، قال إسحاق ـ أعز الله الأمير ـ ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟