فهذه عشرة أنواع من النزول والمجيء والإتيان ونظائرها ، تضمنها كلام أعلم الخلق بالله وأقدرهم على اللفظ المطابق لما قصده من وصف الرب تعالى وأنصحهم للأمة ـ والمجاز وإن أمكن في فرد من أفراد هذه الأنواع أو أكثر ـ فإنه من المحال عادة أن يطرد في جميعها اطرادا واحدا بحيث يكون الجميع من أوله إلى آخره مجازا.
وقال أبو العباس بن شريح : وقد صح عند جميع أهل الديانة والسنة إلى زماننا أن جميع الآثار والأخبار الصادقة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصفات يجب على المسلم الإيمان بها ، وأن السؤال عن معانيها بدعة ، والجواب كفر وزندقة ، مثل قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (طه : ٥) ، وقوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (الفجر : ٢٢) ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية والنفس واليدين ، والسمع والبصر ، وصعود الكلام الطيب إليه ، والضحك والتعجب ، والنزول كل ليلة إلى السماء الدنيا.
إلى أن قال : واعتقادنا في الآي المتشابهة في القرآن نقلها ولا نردها ، ولا نتأولها بتأويل المخالفين ، ولا نحملها على تشبيه المشبهين ، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية ونسلم الخبر لظاهر تنزيلها.
قال إمام عصره محمد بن جرير في كتاب «التبيين في معالم الدين» : القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا ، وذلك مثل إخباره سبحانه أنه سميع بصير ، وأن له يدين ، وأن له وجها وأن له قدما ، وأنه يضحك ، وأنه يهبط إلى السماء الدنيا ، وذكر أولها.
وقال إسحاق بن منصور : قلت لأحمد بن حنبل وإسحاق : ينزل ربنا كل ليلة الحديث أليس يقول لهذا الحديث ، قال أحمد وإسحاق ، قال أحمد واسحاق : صحيح ، وزاد إسحاق : لا يدعه إلا مبتدع. وقال الخلال : أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال : قيل لأبي عبد الله : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة؟ قال نعم ، قيل له في شعبان كما جاء في الأثر؟ قال نعم.