وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن أهل الموقف يأتونه يوم القيامة فيقولون «يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده» (١) وكذلك قال آدم لموسى في محاجته له «اصطفاك الله بكلامه وخط لك الألواح بيده» (٢) وفي لفظ آخر «كتب لك التوراة بيده» (٣) وهو من أصح الأحاديث ، وكذلك الحديث المشهور «إن الملائكة قالوا : يا رب خلقت بني آدم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة. فقال الله تعالى : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان» (٤) وهذا التخصيص إنما فهم من قوله : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ) فلو كان مثل قوله : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) لكان هو والأنعام في ذلك سواء.
فلما فهم المسلمون أن قوله : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (ص : ٧٥) يوجب له تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين على من أمر أن يسجد له ، وفهم ذلك أهل الموقف حين جعلوه من خصائصه ، كانت التسوية بينه وبين قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً) (يس : ٧١) خطأ محضا كذلك قوله صلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح : «يقبض الله سماواته بيده والأرض باليد الأخرى» (٥) وقوله صلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح «يمين الله ملأى
__________________
(١) أخرجه البخاري (٣٣٤٠) ، ومسلم في (القدر /) من حديث الشفاعة الطويل عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦١٤) ، ومسلم (القدر / ٢٦٥٢).
(٣) أخرجه الإمام أحمد (٢ / ٢٤٨) ، وأبو داود (٤٧٠١) ، وابن ماجه في «مقدمة سننه» (٨٠).
(٤) (موضوع) أورده الهيثمي في «المجمع» (١ / ٨٢) وعزاه إلى الطبراني في «الكبير» و «الأوسط» وقال : وفيه إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي وهو كذاب متروك ، وفي سند «الأوسط» طلحة بن زيد وهو كذاب أيضا. ا ه.
(٥) أخرجه البخاري (٦٥١٩ ، ٧٣٨٢) ، ورواه مسلم في (المنافقين / ٢١٤٨ ، ٢٧٨٧) وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.