قال البخاري : وقد كتب النبي صلىاللهعليهوسلم كتابا فيه (بسم الله الرحمن الرحيم) فقرأه ترجمان قيصر على قيصر وأصحابه ، ولا يشك في قراءة الكفار أهل الكتاب أنها أعمالهم ، وأما المقروء فهو كلام العليم المنان ليس بخلق ، فمن حلف بأصوات قيصر أو بنداء المشركين الذين يقرون بالله لم تكن عليه يمين دون الحلف بالله لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تحلفوا بغير الله» (١) وليس للعبد أن يحلف بالخواتيم والدراهم البيض وألواح الصبيان الذي يكتبونها ثم يمحونها المرة بعد المرة ، وإن حلف فلا يمين عليه لقول تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
قال البخاري : وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بينا في الجنة سمعت صوت رجل بالقرآن» (٢) فبين أن الصوت غير القرآن (قلت) ونظيره إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن. وقال أبو عبد الله : ويقال له صفة الله وكلامه ، وعلمه وأسمائه وعزه وقدرته بائنة من الله أم لا وقولك وكلامك بائن من الله أم لا.
قال أبو عبد الله : قال الله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (النجم : ٣٩ ، ٤٠) وقال تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) (نوح : ١) والإنذار من نوح وهو نذير مبين يأمرهم بطاعة الله. وأما الغفران فإنه من الله يقول : (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (نوح : ٣) ثم قال : (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) (نوح : ٥) فذكر الدعاء سرا وعلانية من نوح ، وقال ابن مسعود قال النبي صلىاللهعليهوسلم لقوم كانوا يقرءون القرآن فيجهرون به «خلطتم علي القرآن» (٣)
__________________
(١) المصدر السابق (ص ١٤٦).
(٢) المصدر السابق (ص ١٦١).
(٣) رواه البخاري في «خلق أفعال العباد» (ص ١٦٦) ، والإمام أحمد (١ / ٤٥١) ، وذكره الحافظ الهيثمي في «المجمع» (٢ / ١١٠) وقال : رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحمد رجال الصحيح ا ه.