يقول علت أصواتكم صوتي ، فنهى النبي صلىاللهعليهوسلم أن يرفع بعضهم على بعض صوته ، ولم ينه عن القرآن ولا عن كلام الله.
قال البخاري : واعتل بعضهم فقال حتى يسمع كلام الله (قيل له) إنما قال حتى يسمع كلام الله لا كلامك ونغمتك وصوتك ، إن الله فضل موسى بكلامه ، ولو كان يسمع الخلق كلهم كلام الله كما سمع موسى لم يكن لموسى عليه فضل ، ومعنى هذا أن هذا الصوت المسموع من القارئ لو كان هو الصوت الذي سمعه موسى لكان كل من سمع القرآن بمنزلة موسى في ذلك.
* * *
فصل
وإذا قيل حروف المعجم قديمة أو مخلوقة (فجوابه) أن الحرف حرفان : فالحرف الواقع في كلام المخلوقين مخلوق ، وحروف القرآن غير مخلوقة.
(فإن قيل) كيف الحرف الواحد مخلوق وغير مخلوق (قيل) ليس بواحد بالعين وإن كان واحدا بالنوع ، كما أن الكلام ينقسم إلى مخلوق وغير مخلوق ، فهو واحد بالنوع لا بالعين.
وتحقيق ذلك أن الشيء له أربع مراتب : مرتبة في الأعيان ، ومرتبة في الأذهان ، ومرتبة في اللسان ، ومرتبة في الخط. فالمرتبة الأولى وجوده العينى ، والثانية وجوده الذهني ، والثالثة وجوده اللفظي ، والرابعة وجوده الرسمي ، وهذه المراتب الأربعة تظهر في الأعيان القائمة بنفسها ، كالشمس مثلا ، وفي أكثر الأعراض أيضا كالألوان وغيرها ، ويعسر تمييزه في بعضها كالعلم والكلام ، أما العلم فلا يكاد يحصل الفرق بين مرتبته في الخارج ومرتبته في الذهن ، بل وجوده الخارجي مماثل لوجوده الذهني. وأما الكلام فإن وجوده الخارجي ما قام باللسان ، ووجوده الذهني ما قام بالقلب ، ووجوده الرسمي ما أظهر الرسم ، فأما وجوده اللفظي فقد اتحدت فيه المرتبتان الخارجية واللفظية. ومن مواقع الاشتباه أيضا أن الصوت الذي يحصل له إنشاء الكلام مثل الصوت يحصل به أداؤه وتبليغه ، وكذلك الحرف فصوت امرئ القيس وحروفه من