الله سبحانه ورسوله وفهم معانيه ما لم تتوفر على كلام غيره وفهم معانيه ، مع تكفل الله سبحانه بحفظه وبيانه.
(الدرجة الثالثة) أن يسمع اللغة بمن سمع الألفاظ وذكر أنه فهم معناها من العرب كالأصمعي وابن الأعرابي وأبي عمرو بن العلاء ونحوهم ممن سمع من الأعراب ، ومن هذا الباب كتب اللغة التي يذكرون فيها معاني كلام العرب ، ومعلوم أن هذا يرد عليه أكثر مما يرد على من سمع الكلام النبوي من صاحبه وقال إنه فهم معناه وبيّنه لنا بعبارته.
(الدرجة الرابعة) أن ينقل إليه كلام هؤلاء الذين ذكروا أنهم سمعوا كلام العرب ، ومن المعلوم أنه يرد على هذا من الأسئلة أكثر مما يرد على نقل الحديث ومعناه.
(الدرجة الخامسة) أن اللغة بقياس نحوي أو تصرفي قد يدخله تخصيص لمعارض راجح وقد يكون فيه فرق لم يتفطن له واضع القياس القانوني ، ومعلوم أن الذي يرد على هذا أكثر من الذي يرد على من ذكر قبله.
وإذا كان الأمر كذلك : فمن لم يأخذ معاني الكتاب والسنة من الصحابة والتابعين ومن أخذ عنهم لم يكن له طريق أصلا إلا ما ذكرناه من هذه الطرق التي يرد عليها أضعاف ما يرد على هذه الطريق ، ولا يجوز ترجيح تلك الطرق عليها فيلزمه أحد الأمرين : إما أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ويعدل عن الطريق التي فيها من العلوم اليقينية والأمور الإيمانية ما لا يوجد في غيرها ، إلى ما هو دونها في ذلك كله ، بل يستبدل باليقين شكا ، وبالظن الراجح وهما ، وبالإيمان كفرا ، وبالهدى ضلالا ، وبالعلم جهالة وبالبيان عيا ، وبالعدل ظلما ، وبالصدق كذبا ، ويحمل كلام الله ورسوله على مجازه تحريفا للكلم عن مواضعه ، ويسميه تأويلا لتقبله النفوس الجاهلة بحقائق الإيمان والقرآن ، وإما أن يعرض عن ذلك كله ، ولا يجعل القرآن مفهوما ، وقد أنزله تعالى بيانا وهدى وشفاء لما في الصدور.