ينسب نفسه إلى علم يخالف في أن الله سبحانه فرض اتباع أثر رسوله والتسليم لحكمه لأن الله لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلىاللهعليهوسلم وأن ما سواهما تبع لهما ، وإنما فرض الله علينا وعلى من قبلنا وبعدنا قبول الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا يختلف فيه أحد أنه فرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد اتفق المسلمون على أن حب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرض بل لا يتم الإيمان والإسلام إلا بكونه أحب إلى العبد من نفسه ، فضلا عن غيره ، واتفقوا أن حبه لا يتحقق إلا باتباع آثاره والتسليم لما جاء به والعمل على سنته وترك ما خالف قوله لقوله ، وهاتان مقدمتان برهانيتان لا يحتاجان إلى تقرير.
وقد قال بعض السلف في قوله عزوجل (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (النحل : ١١٦) قال نزلت في علماء السوء الذين يفتون الناس بآرائهم ويكفي في هذا قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء : ٦٥) وفرض تحكيمه لم يسقط بموته بل ثابت بعد موته كما كان ثابتا في حياته وليس تحكيمه مختصا بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد.
وقد افتتح سبحانه هذا الخبر بالقسم المؤكد بالنفي قبله وأقسم على انتفاء الإيمان منهم حتى يحكموا رسوله صلىاللهعليهوسلم في جميع ما تنازعوا فيه من دقيق الدين وجليله وفروعه وأصوله ثم لم يكتف منهم بهذا التحكيم حتى ينتفي الحرج ، وهو الضيق مما حكم به فتنشرح صدورهم لقبول حكمه انشراحا لا يبقى معه حرج ثم يسلموا تسلميا أي ينقادوا انقيادا لحكمه.
والله يشهد ورسوله وملائكته والمؤمنون أن من قال أدلة القرآن والسنة لا تفيد اليقين وأن أحاديث الأسماء والصفات أخبار آحاد لا تفيد العلم بمعزل عن هذا التحكيم ، وهو يشهد على نفسه بذلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا