الفقه غير الفقيه يكون له حافظا ولا يكون فيه فقيها وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في إجماع المسلمين لازم. انتهى.
والمقصود أن خبر الواحد العدل لو لم يفد علما لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يقبل منه أدى إليه إلا من عدد التواتر الذي لا يحصل العلم إلا بخبرهم ، ولم يدع للحامل المؤدي وإن كان واحدا ، لأن ما حمله لا يفيد العلم ، فلم يفعل ما يستحق الدعاء وحده إلا بانضمامه إلى أهل التواتر ، وهذا خلاف ما اقتضاه الحديث. ومعلوم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما ندب إلى ذلك وحث عليه وأمر به لتقوم الحجة على من أدى إليه. فلو لم يفد العلم لم يكن فيه حجة.
الدليل السابع عشر : حديث أبي رافع الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا ألفين أحدا منكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول : لا ندري ما هذا ، بيننا وبينكم القرآن ، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه» (١) ووجه الاستدلال أن هذا نهي عام لكل من بلغه حديث صحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يخالفه أو يقول لا أقبل إلا القرآن ، بل هو أمر لازم ، وفرض حتم بقبول أخباره وسننه ، وإعلام منه صلىاللهعليهوسلم أنها من الله أوحاها إليه ، فلو لم تفد علما لقال : من بلغته إنها أخبار آحاد لا تفيد علما فلا يلزمني قبول ما لا علم لي بصحته ، والله تعالى لم يكلفني العلم بما لم أعلم صحته ولا اعتقاده ، بل هذا بعينه هو الذي حذر منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمته ونهاها عنه ، ولما علم أن في الأمة من يقوله حذرهم منه ، فإن القائل إن أخباره لا تفيد العلم هكذا يقول سواه لا ندري ما هذه الأحاديث ، وكان سلف هؤلاء يقولون بيننا وبينكم القرآن وخلفهم يقولون بيننا وبينكم أدلة العقول وقد صرحوا بذلك وقالوا : نقدم العقول على هذه الأحاديث ، آحادها ومتواترها ، ونقدم الأقيسة عليها.
الدليل الثامن عشر : ما رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال : كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبيّ
__________________
(١) تقدم تخريجه وهو صحيح.