وترى أهل الإرجاء يستدلون بقوله : «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ـ قيل : وإن زنى وإن سرق؟ قال : وإن زنى وإن سرق» (١) وترى الرافضة يحتجون بقوله صلىاللهعليهوسلم «يجاء بقوم من أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم» (٢) وترى الخوارج يستدلون بقوله صلىاللهعليهوسلم : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (٣) وبقوله : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (٤).
إلى غير ذلك من الأحاديث التي يستدل بها أهل الفرق ، ومشهور معلوم استدلال أهل السنة بالأحاديث ورجوعهم إليها ، فهذا إجماع منهم على القول بأخبار الآحاد ، وكذلك أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله تعالى ، وفي مسائل القدر والرؤية ، وأصول الإيمان ، والشفاعة ، والحوض ، وإخراج الموحدين من المذنبين من النار ، وفي صفة الجنة والنار ، وفي الترغيب والترهيب ، والوعد والوعيد ، وفي فضائل النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومناقب أصحابه وأخبار الأنبياء المتقدمين ، وأخبار الرقاق ، وغيرها ما يكثر ذكره.
وهذه الأشياء علمية لا عملية ، وإنما تروى لوقوع العلم للسامع بها ، فإذا قلنا خبر الواحد لا يجوز أن يوجب العلم ، حملنا أمر الأمة في نقل هذه الأخبار على الخطأ وجعلناهم لاغين هازلين مشتغلين بما لا يفيد أحدا شيئا ولا ينفعه ، ويصير كأنهم قد دونوا في أمور الدين ما لا يجوز الرجوع إليه والاعتماد عليه.
قال : وربما يرتقي هذا القول إلى أعظم من هذا ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم أدى هذا الدين إلى الواحد فالواحد من الصحابة ، وهذا الواحد يؤديه إلى الأمة
__________________
(١) رواه البخاري (١٢٣٧) ، ومسلم (٩٤).
(٢) تقدم تخريجه وهو في «الصحيحين».
(٣) رواه البخاري (٤٨) ، ومسلم (٦٤).
(٤) رواه البخاري (٢٤٧٥) ، ومسلم (٥٧).