وينقله عنه ، فإذا لم يقبل قول الراوي لأنه واحد رجع هذا العيب إلى المؤدي نعوذ بالله من هذا القول البشع والاعتقاد القبيح.
قال : ويدل عليه أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث الرسل إلى الملوك : إلى كسرى ، وقيصر ، وملك الاسكندرية ، وإلى أكيدر دومه ، وغيرهم من ملوك الأطراف ، وكتب إليهم كتبا على ما عرف ونقل واشتهر ، وإنما بعث واحدا واحدا ودعاهم إلى الله تعالى والتصديق برسالته صلىاللهعليهوسلم لإلزام الحجة وقطع العذر لقوله تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء : ١٦٥) وهذه المعاني لا تحصل إلا بعد وقوع العلم ممن أرسل إليه بالإرسال والمرسل ، وأن الكتاب من قبله والدعوة منه ، وقد كان نبينا صلىاللهعليهوسلم بعث إلى الناس كافة كثيرا من الرسل إلى هؤلاء الملوك والكتاب إليهم لبثّ الدعوة إليهم في جميع الممالك ، ودعا الناس إلى دينه على حسب ما أمره الله تعالى بذلك ، فلو لم يقع العلم بخبر الواحد في أمور الدين لم يقتصر على إرسال الواحد من الصحابة ، منها إنه بعث عليا لينادى في موسم الحج بمنى : «ألا لا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان» ومن كان بينه وبين النبي صلىاللهعليهوسلم عهد فمدته إلى أربعة أشهر ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة» (١).
ولا بد في هذه الأشياء من وقوع العلم للقوم الذين كان يناديهم حتى إن أقدموا على شيء من هذا بعد سماع هذا القول كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبسوط للعذر في قتالهم وقتلهم.
وكذلك بعث معاذا إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم إذا أجابوا شرائعه (٢).
__________________
(١) رواه البخاري (٣٦٩) ، ومسلم (١٣٤٧).
(٢) تقدم تخريجه في أول الكتاب وهو في «الصحيحين».