تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (آل عمران : ١٠٣).
قال (فإن قال قائل) الخوض في مسائل القدر والصفات والإيمان يورث التقاطع والتدابر فيجب طرحها والإعراض عنها على ما قررتم.
(فالجواب) إنما قلنا هذا في المسائل المحدثة ، فأما هذه المسائل فلا بد من قبولها على ما ثبت به النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، ولا يجوز لنا الإعراض عن نقلها وروايتها وبيانها كما في أصل الإسلام والدعاء إلى التوحيد وإظهار الشهادتين ، وقد بينا أن الطريق المستقيم مع أهل الحديث وأن الحق فيما رووه ونقلوه.
(فإن قال قائل) أنتم سميتم أنفسكم أهل السنة وما نراكم في ذلك إلا مدعين لأنا وجدنا كل فرقة من الفرق تنتحل اتباع السنة ، وتنسب من خالفها إلى البدعة وليس على أصحابكم منها سمة وعلامة أنهم أهلها دون من خالفها من سائر الفرق ، وكلنا في انتحال هذا اللقب شركاء متكافئون ، ولستم بأولى بهذا اللقب إلا أن تأتوا بدلالة ظاهرة من الكتاب والسنة أو من إجماع المعقول.
(فالجواب) أن الأمر على ما زعمتم أنه لا يصح لأحد دعوى إلا ببينة عادلة أو بدلالة ظاهرة من الكتاب والسنة ، وهما لنا قائمتان بحمد لله ، ومنه قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر : ٧) فأمرنا اتباعه وطاعته فيما سنه وأمر به وما نهى عنه وما حكم به ، قال صلىاللهعليهوسلم : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (١) وقال «ومن رغب عن سنتي فليس مني ، ومن أحب سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة» (٢) فعرفنا سنته ووجدناها بهذه الآثار المشتهرة التي رويت بالأسانيد الصحيحة المتصلة التي نقلها حفاظ العلماء وثقاتهم بعضهم عن بعض.
__________________
(١) [صحيح] رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (١ / ٣٠) ، وصححه الألباني في «ظلال الجنة».
(٢) رواه البخاري (٥٠٦٣) ، ومسلم (١٤٠١).