الصلوات وأوقاتها ، ونقل الأذان والتشهد والجمعة والعيدين ، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أحاديث الصفات ، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها جاز عليهم ذلك في نقل غيرها مما ذكرنا ؛ وحينئذ فلا وثوق لنا بشيء نقل لنا عن نبينا صلىاللهعليهوسلم البتة ، وهذا انسلاخ من الدين والعلم والعقل ، على أن كثيرا من القادحين في دين الإسلام قد طردوا وقالوا لا وثوق لنا بشيء من ذلك البتة.
قالوا : وأظهر شيء الأذان والإقامة ، وقد اختلفوا عليه فيهما ، هل يرجع أم لا؟ ويثني الإقامة أو يفرد ، وهذا تشهد الصلاة قد اختلف فيه عنه صلىاللهعليهوسلم على وجوده ، وكذلك جهره بالبسملة وإخفاؤها ، وهو من أظهر الأمور ، يفعل في اليوم والليلة خمس مرات بحضرة الجمع.
قالوا : وأظهروا من ذلك حجة الوداع فإنها حجة واحدة ، وقد شاهده الجمع العظيم والجم الغفير ، فهذا يقول أفرد ، وهذا يقول تمتع ، وهذا يقول قرن ، فكيف لنا بعد ذلك بالوثوق بشيء من الأحاديث ، فلذلك أطرحناها رأسا ، فهؤلاء أعطوا الانسلاخ من السنة والدين حقه ، وطرّدوا كفرهم وخلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم ، وتقسمت الفرق قولهم هذا في رد الأحاديث (فطائفة) ردتها رأسا وجوزت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخطأ والغلط. وهؤلاء سلف الخوارج الذين قدح رئيسهم في فعله صلىاللهعليهوسلم وقال له أعدل ، فإنك لم تعدل (١) وقال له الآخر : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله (٢) فقدح هذا في قصده وقدح الآخر في حكمه وعدله.
وطائفة أخرى قالوا : لا نقبل منها إلا ما وافق القرآن ، وما لا يشهد له القرآن فإنا نرده ولا نقبله ، وهذه الطائفة هم الذين قال فيهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «يوشك الرجل أن يكون شبعان متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمرى فيقول : بيننا
__________________
(١) رواه البخاري (٦١٦٣) ، ومسلم (١٠٦٣).
(٢) رواه البخاري (٣١٥٠ ، ٣٤٠٥).