نسخا ، والقرآن لا ينسخ بالسنة ، فهذا بعينه هو الذي حذر منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمته ونهاهم عنه ، وأخبرهم أن الله تعالى أوحى إليه الكتاب ومثله معه ، فمن رد السنة الصحيحة بغير سنة تكون مقاومة لها متأخرة عنها ناسخة لها ، فقد رد علي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورد وحي الله.
قال الشافعي : إن الله تعالى وضع نبيه صلىاللهعليهوسلم من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه : الفرض على خلقه أن يكونوا عالمين بأنه لا يقول إلا بما أنزل إليه ، وأنه لا يخالف كتاب الله ، وأنه بين عن الله تعالى ما أراد الله. قال : وبيان ذلك في كتاب الله. قال الله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) (يونس : ١٥) إلي قوله : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) (الأنعام : ٥٠) ومثل هذا في غير آية. أخبرنا الدراوردي عن عمرو عن المطلب بن حنطب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ، ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه» (١).
قال الشافعي : فرض الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يتبع ما أوحى إليه وقال : لا يمكن الناس علي بشيء ، فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله ، ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله ، وكذلك صنع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبذلك أمر أن يتبع ما أوحى اتباع سنته فيه ، فمن قبل منه فإنما قبل بفرض الله ، قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر : ٧) وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء : ٦٥).
وقال الإمام أحمد : من رد حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو على شفي هلكة ، وقال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (النور : ٦٣) الآية ، وأي فتنة إنما هي الكفر.
__________________
(١) المطلب بن حنطب قال في «التقريب» : كثير التدليس والإرسال.