__________________
من غيرها ، ومحمد وإبراهيم وموسى عليهمالسلام أفضل من الملائكة ، ومذهب أهل السنة أن صالح البشر أفضل من الملائكة ، وإن كانت مادتهم نورا ومادة البشر ترابا ، والتفضيل ليس بالمواد والأصول ، ولهذا كان العبيد والموالى الذين آمنوا بالله ورسوله أفضل عند الله ممن ليس مثلهم من قريش وبنى هاشم وهذه المعارضة الإبليسية صارت ميراثا في أتباعه في التقديم بالأصول والأنساب على الإيمان والتقوى ، كما قال بعضهم :
لعمرك ما الإنسان سلمان إلا بدينه |
|
فلا تترك التقوى اتكالا على الحسب |
فقد رفع الإسلام سلمان فارس |
|
وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب |
الثالث : ظنه أن النار خير من التراب باطل ، ومستنده ما فيها من الضياء والخفة ، وما في التراب من الثقل والظلمة ، ونسى الشيخ النجس ما في النار من الخفة والطيش وطلب العلو والإفساد بالطبع ، حتى إن شواظا منها لو وقع فى مدينة أفسدها ، والتراب خير من النار وأفضل من وجوه :
أحدها : أن طبعه السكون والرزانة ، وثانيها : أنه مادة الحيوان والنبات والأقوات ، والنار بخلافه ، وثالثها : أنه لا يمكن أن يعيش بدونه وبدون ما خلق منه ، ويمكنه أن يعيش برهة من الدهر بلا نار ، ورابعها : أن الأرض تؤدى إليك ببركتها أضعاف ما تودعها من الحب والنوى وتغذيه لك ، والنار تفسده ، وخامسها : أن الأرض مهبط الوحى ومسكن الرسل والأولياء وكفاتهم أحياء وأمواتا ، والنار مسكن أعداء الله ، وسادسها : أن في الأرض بيته محبط الأوزار وتكفير السيئات وجالبا لهم مطالع معاشهم ومعادهم. وسابعها : أن النار طبعها العلو والإفساد ، والله لا يحب المستكبرين ولا المفسدين والأرض طبعها الخشوع والإخبات ، ومعلم الخير من المادة الأرضية ، ومعلم الشر من المادة النارية. وثامنها : أن النار لا تقوم بنفسها ؛ بل لا بد لها من محل تقوم به لا تستغنى عنه ، فهى محتاجة إلى المادة الترابية في قوامها وتأثيرها ، والأرض قائمة بنفسها ، وتاسعها : أن التراب يفسد صورة النار ويبطلها ويقهرها وإن علت عليه ، وعاشرها : أن الرحمة تنزل على الأرض فتقبلها وتحيى بها وتخرج زينتها وأقواتها تشكر ربها ، وتنزل على النار فتأباها وتطفئها فبينها وبين النار معاداة ، وبين الرحمة والأرض مؤاخاة.
وحادى عشرها : أن النار تطفأ بالتكبير ، فتضمحل عند ذكر الرب ، ولهذا يهرب المخلوق منها عند الأذان ، حتى لا يسمعه ، والأرض تبتهج بذلك وتشهد به لصاحبها يوم القيامة ، وقد جاء أن الأرض تفتخر بمن يذكر الله عليها ، وثانى عشرها : يكفى في فضل