فلا إله إلا الله والله أكبر. كم لهذا الإمام اللعين من أتباع من العالمين؟ وأنت إذا تأملت عامة شبه المتأولين رأيتها من جنس شبهته. والقائل : إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل ؛ من هنا اشتق هذه القاعدة وجعلها أصلا لرد نصوص الوحى التي يزعم أن العقل يخالفها ، وعرضت هذه الشبهة لعدو الله من جهة كبره الذي منعه من الانقياد المحض لنصوص الوحى. وهكذا إلحاد كل مجادل في نصوص الوحى إنما يحمله على ذلك كبر في صدره ما هو ببالغه. قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (غافر : ٥٦).
وكذلك خروج آدم من الجنة إنما كان بالتأويل ، وإلا فهو صلىاللهعليهوسلم لم يقصد بالأكل معصية الرب (١). ثم اختلف الناس في وجه تأويله فقالت طائفة : تأول بحمله النهي المطلق على الشجرة المعينة. وغره عدو الله بأن جنس تلك الشجرة هي شجرة الخلد وأطمعه في أنه إن أكل منها لم يخرج من الجنة. وفي هذا نظر ظاهر. فإن الله تعالى أخبر أن إبليس قال له (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ
__________________
المخلوق من الأرض على المخلوق من النار أن الله سبحانه خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء ، فهل حصل للمخلوق من النار واحدة من هذه ا ه.
ثم قال : قد اطلعت على بحث شيخ القوم ورئيسهم ـ يعنى إبليس ـ فما الظن بمعارضة من التلامذة ، واعلم أن كل شبهة عارضوا بها الوحى المنزل ؛ فعند أئمة السنة ما يبطلها من وجوه كثيرة ، كما فعل الإمام أحمد في «الرد على الجهمية» وعثمان بن سعيد الدارمي ، وعبد العزيز المكي وهلم جرا من عالم بعد عالم. ا ه.
(١) وقال الشيخ في «الفوائد» : لما لبس درع التوحيد على بدن الشكر ، وقع سهم العدو منه في غير مقتل فجرحه ، فوضع عليه جبار الانكسار فعاد كما كان ، فقام الجريح كأن لم يكن به قلبة.
وقال : تالله ما نفعه عند معصيته عز : اسجدوا ، ولا شرف : وعلم آدم ، ولا خصيصة : لما خلقت بيدي ، ولا فخر : ونفخت فيه من روحي ، إنما انتفع بذل : ربنا ظلمنا أنفسنا.