ظاهرها ، ولا في باطنها ، ولا في مدلولها ، ولا في دليلها ، ولأنّ منعكم عمومها لجميع المؤمنين موجب لمنعكم دخول الخلفاء (رض) في منطوقها ، باعتبار أنهم (رض) من جملة المؤمنين المدلول عليهم في الآية ، وذلك فإنّ نفي العام نفي للخاص عند العلماء جمعاء ، مثل قولنا : لا إنسان في الدار ، فإنّه يعني لا يوجد في الدار زيد وغيره من أفراد الإنسان. والآية من هذا القبيل ، فإنّ نفي الاستخلاف فيها عن جميع المؤمنين يعني نفيه عن الخلفاء (رض) أجمعين ، وإن ركنتم إلى صحة خلافتهم (رض) إلى معنى غير ما في الآية نفسها ، وغير ما ظهر من أمرهم ، ونهيهم ، وتنفيذ أحكامهم على الأمة ، فقد أبطلتم استدلالكم بالآية وخرجت من يدكم وأنتم تعلمون.
ثانيا : لو سلمنا لكم جدلا ، وفرضنا أنّ الآية تريد القائم بعد النبي (ص) في أمور الدين ، والدنيا ، وسياسة الأمة ، وإرشادهم إلى الطريق المنجي ، في العاجل والآجل ، ومع ذلك لا تدل على صحة خلافة المتقدمين (رض) على عليّ (ع) ، وذلك لأنّ الله تعالى وعد المؤمنين من أصحاب رسول الله (ص) بالاستخلاف ، جزاء لهم على الصبر والإيمان ، وأنتم تعلمون كما يعلم جميع الناس أنّ الاستخلاف من الله تعالى لا يكون استخلافا من الناس ، كما أنّ إرسال الأنبياء (ع) لا يكون إلا من الله تعالى ، لا من غيره.
وقد ثبت بالضرورة عندنا وعندكم أنّ الخليفة أبا بكر (رض) كان مستخلفا من الخليفة عمر بن الخطاب (رض) ، وأبي عبيدة بن الجراح ، وغيرهما من الناس ، وكان الخليفة عمر (رض) مستخلفا من الخليفة أبي بكر (رض) ، وكان الخليفة عثمان (رض) مستخلفا من عبد الرحمن بن عوف ، بإيثاره له دون غيره من أهل الشورى. فإذا كان هذا ثابتا عندنا وعندكم كما مر تفصيله ، ثبت عدم دخولهم في الوعد بالاستخلاف من الله تعالى في الآية ، لخلو خلافتهم (رض) من