أمّا عمر بن الخطاب (رض) فلا شيء له من الإنفاق بالاتّفاق بين الفريقين وأمّا عثمان بن عفان فإنّ عدم نزول القرآن بمدحه (رض) على ما كان منه في جيش العسرة ، لأوضح دليل على أنّه لا فضل له (رض) فيه ، ولو كان له (رض) فيه شيء من الفضل لكان حظه منه كحظ غيره من المنفقين الذين لم يوجب لهم التقدم على غيرهم من المسلمين في إمامة الأمّة وخلافة النبوّة (ص).
وأمّا الزهد في الدنيا : فحسبك في انتفائه بشكله الكامل عن الخلفاء الثلاثة (رض) ، تسارعهم إلى السقيفة لنيل الرئاسة العامّة ، والنبي (ص) بين أيديهم جنازة لم يغسل بعد ، ولم يدفن ، فتنازعوا مع من حضر فيها على زعامة الدنيا ، ولو لم يكن الأمر كما ذكرنا لكان لزاما عليهم أن ينتظروا ريثما ينتهي أهل بيت النبي (ص) من تجهيزه (ص) ، ودفنه (ص) في ضريحه الطاهر ، ثم يعودوا إلى اختيار من له أهلية الإمامة على الأمّة بعد نبيّها ، لا سيما أنّ أهل السنّة جميعا مجمعون على عدالة جميع الصحابة ، وأنّه لا يمكن أن يصدر منهم ما يخالف الشريعة ، وأنّهم مبرءون من كل وصمة توجه إليهم ، فهل يا ترى من العدالة أن يتركوا النبي (ص) جنازة بين أهل بيته (ص) ، وينصرفوا عجلين إلى السقيفة لعقد البيعة الأمر الذي دعا الشيعة وغيرهم من المنصفين أن يشكوا في نيّاتهم ، ويحكموا بانتفاء عدالتهم ، وأنّهم يريدون عرض الدنيا ، وزاهدون في الآخرة؟؟.
وأمّا عثمان بن عفان (رض) : فقد ظهر منه من الانقطاع إلى الدنيا ، والانصراف عن الآخرة ، وتولية الفساق من بني أمية وبني مروان على رقاب المسلمين ، ما أوجب أن يستحل أصحاب رسول الله (ص) إهراق دمه (رض) ، ولمّا طلبوا منه نزع الخلافة عن نفسه (رض) امتنع وأبى حبّا للدنيا ، وطمعا فيها ، حتى استباح القوم سفك دمه.