وإذا ثبت هذا ظهر من المشابهة بين الأرواح البشرية وبين الدار الآخرة أكثر ما بينها وبين الدنيا. وظهر أن العبد (كان) كفؤا للآخرة لا كفؤا للدنيا ، والكفاءة معتبرة فى الارواح فيجب أن تكون رغبة الإنسان فى السعادات (الورقة ٢٥٩ ظ) الروحانية الأخروية أكثر من رغبته فى السعادات العاجلة.
التقسيم الثالث المخلوقات على ثلاثة أقسام (٢٢ :
إما كاملة لا يتطرق النقصان إليها وهم أصحاب العالم العلوى ، أجسادهم السماوات وقلوبهم الكواكب ، وأرواحهم الملائكة المقربون الطاهرون المطهرون.
وإما ناقصة ولا يتطرق إليها الكمال وهى الحيوانات سيما الجن والشياطين والنبات والمعادن ،
والقسم الثالث وهم الذين يكونون تارة كاملين وتارة ناقصين ، فإن صاروا فى حد الكمال كانوا مع الملائكة المقربين معتكفين على عتبات عزة الله تعالى ، مواظبين على ذكر جلال الله متفكرين فى معارج آلاء الله ، متوكلين على فيض فضل الله ، مستغرقين فى محبة الله تعالى ، وتارة ينزلون إلى أفق البهائم ومقامى الشهوة والغضب. أما فى مقام الشهوة فتارة يكونون كخنزير اجيع ثم أرسل على النجاسات يأكلها ، وتارة كالذباب الّذي كلما ذب مال إلى القاذورات ، وأما فى مقام الغضب فتارة كالكلب العقور ، وأخرى كالجمل الصئول ، وثالثا كالنار المحرقة والسيول المغرقة ، فهو مع أنه شخص واحد يصدق عليه انه ملك نورانى وشيطان ظلمانى ، وخنزير حريص ، وحمار صبور ، وكلب نابح ، وثعلب رواغ ،