ومنها أن فيه من الرباطات [والعضلات] مقدارا كثيرا.
ومنها أنه لما كان دائم الحركة وجب أن يكون جرمه أقوى الأجرام اللحمية ، وإذا كان كذلك [فمن] جعل القلب منبت الاعصاب التى هى آلات الحركات القوية ، أولى ممن جعل الدماغ منبتا لها.
(الورقة ٢٧٢ ظ) أجاب جالينوس عن هذه الحجة من وجهين :
الأول أن هذا قياس يدل على أن منبت العصب هو القلب ، والحس يدل على أن منبت العصب هو الدماغ ، والحس أقوى من القياس.
الثانى أن الهيولى لتحريك الأعصاب ليس هو العصب بل هو العضلات ، والعضلات مركبة من الاعصاب والرباطات والاغشية واللحوم ، وهى مستندة إلى العظام والاعصاب تفيدها قوة الحس والحركة الإرادية ما تختلط بها من الرباطات والأغشية (١) تفيدها القوة والشدة والأمن من الانقطاع ، وعلى هذا التقدير فإنه لا يمتنع كون الدماغ منبتا للاعصاب.
قال أصحاب أرسطاطاليس : أما الجواب الأول فضعيف ، لأن الحس لم يدل إلا على كثرة الأعصاب وقوتها عند الدماغ (٤٠ وقلتها وضعفها عند القلب.
وقد بينا أن هذا القدر لا يدل على كون الدماغ منبتا للاعصاب.
وأما الثانى فضعيف جدا لأن جالينوس احتج بغلظ العصب وكثرته على تولده منه.
__________________
(١) المخطوطة : اغشية