فصل (ثامن) اجنبى عن هذا الباب
وهو فى بيان الكمالات الحقيقية والوهمية (١
اعلم ان الكمال اما أن يعتبر فى الذات أو فى الصفات أو فى الأفعال.
أما الكمال فى الذات فهو من وجهين :
الأول أن يكون واجب الوجود لذاته لا يتعلق وجوده بغيره اصلا ، وأن يكون واجب الوجود فى جميع صفاته من جميع جهاته ، ولو افتقر فى شيء من صفاته إلى غيره لزم منه كونه مفتقرا فى ذاته إلى غيره ، على ما تبين ذلك فى العلوم الحقيقية.
الثانى أن يكون منفردا بذاته ولذاته فى ذلك الكمال دون المساواة فى الكمال ، لأن المساواة توجب النقصان ، لكن فيضان الكمالات عنه لا يوجب النقصان البتة ـ لأن كل كمال حصل للمعلول فهو فى الحقيقة حاصل للعلة ، فاشراق نور الشمس فى جميع الآفاق لا يوجب نقصانا فى الشمس بل هو الدليل على غاية كما لها. اما لو وجدت شمس أخرى تساوى هذه (١) الشمس فى الرتبة والاشراق ، كان ذلك نقصانا فى هذه الشمس ، ومعلوم ان كل ما سوى الواجب لذاته كامل (٢) فى ذاته بذاته من هذين الوجهين.
وأما كمال الصفات فهو فى العلم والقدرة ، اما كمال العلم فهو لله تعالى وهو من ثلاثة أوجه :
__________________
(١) المخطوطة : هذا
(٢) أيضا : كاملا