التجارب الطبية.
وإذا ثبت هذا فنقول : القلب منبع الحرارة والدماغ للبرودة ، فجعل القلب مبدأ للحس (١) والحركة الإرادية أولى من جعل الدماغ مبدأ لهما.
الحجة الخامسة : كل أحد إذا قال «أنا» ، فإنما يشير بقوله : «أنا» إلى صدره وناحية قلبه ، وهذا يدل على أن كل أحد يعلم بالضرورة ان المشار إليه بقوله : «انا» حاصل فى القلب لا فى سائر الأعضاء.
الحجة السادسة : أظهر آثار النفس الناطقة النطق ، فوجب أن يكون معدن النفس الناطقة هو الموضع الّذي منه منبعه ، وتنبعث آلة النطق ، لكن آلة النطق هو الصوت ، والصوت إنما يتولد عن إخراج النفس وهو فعل القلب ، لأن القلب ، يستدخل النسيم البارد الطيب للترويح ـ فإذا سخن ذلك النسيم واحترق أخرجه إلى الظاهر الخارج ، فإذا كان إدخال النفس أولا واخراجه ثانيا مقصود القلب (٢) كان إسناد هذا الفعل إلى القلب أولى من إسناده إلى الدماغ مع انه لا حاجة بالدماغ البتة إلى النفس.
وقال جالينوس : الصوت لا ينبعث من القلب بل من الدماغ ، واستدل عليه من وجوه ثلاثة :
الأول أن الآلة الاولى للصوت هى (٣) الحنجرة ، بدليل أنك
__________________
(١) المخطوطة : مبدأ الحس الخ
(٢) أيضا : للقلب
(٣) أيضا : هو