والغالب أن من لا يلتفت إليهم يخدموه ورغبوا فى الاتصال به ، فصاروا كالعبيد له ، فالحريص عبد والقانع حر ، ولهذا قيل : «احتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ، واحسن إلى من شئت تكن أميره» ـ
الخامس عشر إذا اعتاد التنعم بكثرة المال فلعله يتفق سبب يوجب هلاك المال فيتألم بفوات عادات التنعم ، ثم يحمله ذلك على كثرة الجد ولاجتهاد فى الكسب والطلب حال الشيخوخة وضعف البدن فيقع فى الشقاء الشديد.
السادس عشر يجب عليه أن يستحضر فى ذمته أن المال لا فائدة فيه إلا التوسل به إلى اللذات الجسمانية ، ثم يتأمل فيما ذكرناه فى معالجة (١) اللذات الجسمانية.
السابع عشر لعله يتعب فى طلب المال فى الحال ثم يفوت قبل الانتفاع به ، فيكون التعب عليه والانتفاع لغيره ، أما اذا صرفه إلى وجوه الخيرات كان التعب ، وإن وقع عليه إلا أن نفعه يعود إليه وهو الغير بعد موت الجسد.
الثامن عشر (٢) أن المواظبة على القناعة يفيد ملكة الاستغناء عن الشيء والتنعم بطيبات الدنيا ولذاتها تفيد ملكة الاستغناء بالشيء ودوام الحاجة إليه ، والاستغناء عن الشى أكمل من الاستغناء بالشيء لأن الاول صفة الحق ، والثانى صفة الخلق ، ولأن الأول استغناء صرف ، والثانى استغناء ممتزجة بالحاجة ،.
__________________
(١) المخطوطة : المعالج
(٢) أيضا : التاسع عشر ،