تعلق النفس بالقلب قبل تعلقها بسائر الأعضاء وبواسطة القلب تسرى إلى سائر الأعضاء ـ فثبت ان العضو الرئيس المطلق فى البدن هو القلب (٣٤.
الحجة الثانية فى إثبات هذا المطلوب أن العقلاء لا يجدون (١) الفهم والإدراك والعلم إلا من ناحية القلب ـ فعلمنا ان القلب محل العلم بواسطة كون النفس متعلقة ، وأن تعلقها بالقلب ، وإذا كان محل العلم ليس إلا القلب كان محل الإرادة مشروطة بالعلم ، وإذا كان محل الإرادة هو القلب (الورقة ٢٧٠ و) كان محل القدرة على التحريك هو القلب ، فثبت ان محل هذه الصفات هو القلب.
قال جالينوس : مسلم أن القلب محل الغضب ، وأما أنه محل العلم فباطل ، وجوابه أن الغضب دفع المنافى ، ودفع المنافى لا بد وأن يكون له شعور بالمنافى ، فلما سلم أن القلب محل الغضب لزم تسليم «أن القلب محل العلم والإدراك».
الحجة الثالثة : لا نزاع أن النفس الحيوانية لا بد وأن تكون حساسة متحركة بالإرادة ، فإذا تعلقت النفس بالقلب فلا بد وأن تفيده الحس والحركة الإرادية ، وذلك يقتضي أن يصير القلب متبعا للادراك والشعور ، والقوة المحركة ، وذلك يبطل قول جالينوس : أن الهيولى للإدراك والتحريك الإرادي هو من الدماغ لا القلب.
الحجة الرابعة : ان الحس والتحريك الإرادي إنما يحصلان بالحرارة لا بالبرودة (٢) ، فإنها عائقة عنهما ، ويدل على صحة ما ذكرناه
__________________
(١) المخطوطة : يجدون
(٢) أيضا : لا البرودة