ويكون هذا العلم نورا للعارفين (٦ بعد الموت يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم يقولون : ربنا اتمم لنا نورنا (٧ أى تكون هذه العلوم رأس مال يتوصل بها إلى كشف ما لم ينكشف فى الدنيا ، كما أن من معه سراج خفى فإنه يجوز أن يصير ذلك سببا لزيادة النور بل يقتبس منه سراج اخر اقوى منه ومن لم يحصل معه فى الحياة الدنيا شيئا (١) من هذه العلوم لم يكن له طمع فى استكمال هذا النور بعد الموت ، فيبقى بعد الموت كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها ، بل (كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ). (٨
وأما القسم الثانى وهى العلوم المتعلقة (٩ بالمعلومات المتغيرة وهى كعلم اللغات والتفسير والفقه والأخبار فشيء منها لا يبقى ولا يحصل للنفس بسببها كمال البتة. أما القدرة بكمالها كونها مستفيدة بالتأثير والإيجاد والإبداع والإخراج من العدم إلى الوجود.
وأقول : إن الغزالى رحمة الله عليه ، بين ان كمال الذات لا يحصل إلا عند التفرد (١٠ والوحدانية ، فاذن يجب عليه أن يعرف بأنه لا مؤثر فى الإخراج من العدم إلى الوجود إلا الله تعالى ، إذ لو شاركها غيرها فى هذه المؤثرية لوجب أن يقدح ذلك فى كون القدرة الالهية كاملة ، ولو قال بهذا الأصل للزم أن لا يثبت شيئا يؤثر فى شيء إلا قدرة الله ، وذلك يبطل أصل الفلسفة.
ثم قال : أما القدرة فليس للعبد فيها كمال حقيقى بل للعبد علم حقيقى ، وإنما القدرة الحقيقية لله تعالى وما يحدث من الاشياء عقيب إرادته وقدرته فهى حادثة باحداث الله تعالى (١١.
__________________
(١) المخطوطة : شى