الفصل السادس (١)
قد عرفت أن السخى هو الّذي يبذل من المال ما يجب عليه بذله إما بسبب الشرع وإما بسبب المروة ، والبخيل هو الّذي لا يفعل ذلك.
فاما الجواد فدرجته أعلى من درجة السخى ، وذلك أن حقيقة الجود هو إفادة ما ينبغى لا لعوض ، فلعل من يهب السكين لمن يعلم من حاله أن يقتل نفسه بها أو يقتل غيره لا يكون جوادا ، ولعل من يعطى ليستعيض (٢) شيئا آخر لم يكن جوادا ، إلا أن عدم طلب العوض بالكلية لا يتصور إلا من الله تعالى ـ أما الآدمى فإنه لا يبذل الشيء إلا لغرض ـ إما لثواب (٣) الآخرة أو اكتساب الفضيلة النفسانية المسماة بالجود ـ وتطهير النفس عن رذيلة البخل سمى جوادا ، أما إذا كان الباعث على البذل هو الخوف من هجو الشعر او من ملامة الخلق أو ما يتوقعه من نفع يصل إليه من المنعم عليه ، فذلك ليس بجود ، لأنه إنما أتى بهذا الفعل على سبب الضرورة.
__________________
(١) المخطوطة : الرابع
(٢) أيضا : ليستوعظن
(٣) أيضا : ثواب