الشريان المتولد من القلب ينقسم إلى قسمين ـ قسم يصعد إلى جانب الرأس ، وقسم ينزل إلى أسفل البدن ـ والقسم النازل إلى أسفل البدن ، لا نشك انه ينقسم ويتفرق إلى العروق الدقائق ، ثم انه يعدم [بعد ما] (١) (الورقة ٢٧٢ و) صارت اعصابا ، فوجب أن يكون الحال فى الشرائين الصاعدة إلى الدماغ النافذة فيها كذلك أيضا.
قال أصحاب أرسطاطاليس : أما الجواب الأول فهو فى غاية الضعف ، وذلك لأن الصفات التى ذكرتموها للشريان ، إنما تكون حاصلة حال صعودها إلى الدماغ ، ونفوذها فى جوهره.
اما لم قلتم أنها بعد رجوعها عن جوهر الدماغ وتوجهها إلى أسفل البدن تبقى على تلك الصفات؟ وبيانه أن المقصود من تخليق الشريان على تلك الصفات التى ذكرتموها أن يكون لاصعادها الدم إلى الروح من القلب إلى جوهر الدماغ ، فإذا حصل هذا المقصود ، واصاخت الطبيعة إلى اعداد آلة أخرى فى إيصال جوهر الروح من الدماغ إلى أسفل البدن ، وإن تلك الشظايا لا تصلح لأن تكون آلة فى هذا الفعل إلا عند إبطال تلك الصفات عن تلك الشظايا ، لم يبعد أن تحاول الطبيعة أبطال تلك الصفات عنها ، وتحصل صفات أخرى موافقة لهذا الفعل الثانى ، هذا غير مستبعد فى الجملة ، وكيف لا نقول ذلك ، وهذه الشرائين عند نفوذها فى جوهر الدماغ ، لا شك أنها تنقسم وتتصغر جدا ، فلا يبعد ان تؤثر فيها طبيعة جرم الدماغ ، من تلك الصفات إلى صفات أخرى لائقة بالفعل الثانى ، لا سيما وانها لما تصغرت جدا
__________________
(١) العبارة غير واضحة