وأما بطلان القسم الثانى فإنه يقتضي قيام الصفة الواحدة بالمحل الكثير ، وذلك معلوم البطلان بالضرورة ، ولأنه لو جاز حلول الصفة الواحدة دفعة واحدة فى المحال الكثيرة لجاز حصول الجسم الواحد دفعة واحدة فى الاحياز الكثيرة ، وذلك معلوم البطلان بالضرورة. ولأن بتقدير أن يحصل الصفة الواحدة دفعة واحدة فى المحال المتعددة ، فحينئذ يكون كل واحد من تلك الأجزاء حيا عالما قادرا فيعود الأمر إلى كون هذه الجثة الواحدة أناسا كثيرين لا إنسانا (الورقة ٢٦٤ ظ) واحدا ، ولما ظهر فساد هذين القسمين ثبت أن الإنسان ليس هو هذه الجثة.
فإن قالوا : لم لا يجوز أن يقال أنه تقوم الحياة بالجزء الواحد ، ثم أن تلك الحياة تقتضى ضرورة جملة الأجزاء حيا ، قلنا هذا باطل ، لأنه لا معنى للحياة إلا الحيية ولا للعلم إلا العالمية ، إلا أنا نقول : إن حصل فى مجموع الأجزاء حيية واحدة ، وعالمية واحدة ، فقد حصلت الصفة الواحدة فى المحال الكثيرة ، وهو محال ، وإن حصل فى كل جزء حيية واحدة على حدة وعالمية واحدة على حدة عاد ما ذكرنا من كون الإنسان الواحد أناسا كثيرين ، وذلك الفساد معلوم بالضرورة.
الحجة الثالثة : لو كان الّذي يشير إليه الإنسان بقوله «أنا» موجودا متحيزا (١) لا يتبع أن يشير إلى نفسه بقوله «أنا» ويعلم المتحيز لكن التالى كاذب فالمقدم كاذب.
بيان الشرطية أنه لو كان المشار إليه بقوله «أنا» متحيزا مخصوصا
__________________
(١) المخطوطة : موجود متحيز