ولقائل أن يقول : مذهبك فى هذه المسألة ليس (١) إلا مذهب الحكماء وعندهم ان القدرة مع الداعية الحادثة يوجبان الفعل بهذا الفعل مستند إلى الله تعالى بمعنى انه تعالى هو الّذي أوجد القدرة والداعية الموجبتين لهذا الفعل ، وأيضا فعنده أن حصول المشاركة يوجب النقصان ، وهاهنا قد سلم ان للعبد علما حقيقيا (٢) فهذا يلزم وقوع النقص فى علم الله تعالى ، فإن لم يلزم هذا فكيف ادعى لو حصل ما يساوى الله تعالى فى وجوب الوجود لزم النقصان.
فثبت أن هذه كلمات ضعيفة فى علاج حب المال وهو من وجوه :
الأول أن حب المال والجاه تأثر وانفعال لها بالنسبة إلى المال وإلى الجاه ، والتأثر ضعف ونقصان ، وعدم حب المال والجاه قوة للنفس لسببها لم يتأثر للمال ولا للجاه ـ فالحالة الأولى صفة من صفات الهيولى ، والحالة الثانية صفة من صفات الحق ، والّذي يقرر ذلك على سبيل التمثيل ان الإنسان إذا وضع إصبعه على جسم واعتمد عليه فتأثر ذلك الجسم بذلك الاعتماد دل ذلك على أن ذلك الجسم المتأثر له طبعية ضعيفة قابلة للتأثر من القوى.
أما إذا لم يتأثر كالحديد دل على أن ذلك الجسم له طبيعة قوية شديدة مفيضة للبقاء والدوام ، فالمتأثر يدل على كمال الضعف وقبول الفناء. وأما عدم التأثر فيدل على القوة والبقاء والدوام والاستغناء. فالنفس إذا تأثرت بحب المال والجاه دل ذلك على ضعف جوهر تلك النفس.
__________________
(١) المخطوطة : السن.
(٢) أيضا : علم حقيقى