اما بعد : فهذا كتاب فى علم الاخلاق (٨ ، مرتب على المنهج البرهانى اليقينى لا على الطريق الخطابى الإقناعى ، نسأل الله ان يجعله سببا للنفع العظيم فى الدارين والسعادة فى المنزلين ، إنه خير موفق ومعين ،
وهذا الكتاب مرتب على أقسام :
القسم الاول
فى الأصول الكلية لهذا العلم ، وفيه فصول :
الفصل الاول
فى شرح مرتبة الإنسان من مراتب الموجودات (١ :
اعلم أنه يمكن وصف الموجود بوجوه كثيرة ، وبحسب كل واحد منها يظهر مرتبة الإنسان من مراتب الموجودات.
التقسيم الأول : أن يقال : المخلوقات على أربعة أقسام :
الأول : الّذي له عقل (٢ وحكمة (٣ ، وليس له طبيعة (٤ ولا شهوة (٥ ، وهم الملائكة (٦ ، ومن صفتهم «أنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويخافون ربهم من فوقهم ، ويفعلون ما يؤمرون» (٧.
الثانى : الّذي ليس له عقل ولا حكمة ، وله طبيعة وشهوة (٨ ، وهو سائر الحيوانات سوى الإنسان.
الثالث : الّذي ليس له عقل ولا حكمة ولا طبيعة ولا شهوة ، وهى الجمادات والنبات ،
ولما دخلت هذه الأقسام فى الوجود لم يبق من الأقسام سوى القسم الرابع.