لجانب الآلام فهذه اللذات منقطعة وتلك الآلام غير منقطعة ، فلهذا السبب صارت اللذات الجسمانية مذمومة (الورقة ٢٧٨ ظ) عند العقلاء.
الثانى أن لذاتها غير خالصة بل هى ممزوجة بالآلام والحسرات (١) بل الإنسان لو تأمل لوجد اللذة قطرة والألم بحرا لا ساحل له (٢) ، ونحن ننبه على معاقد هذا الترجيح.
فنقول : هذا الترجيح حاصل من وجوه :
أولها أن الضرر منه ثلاثة ، الماضى والحال والمستقبل :
أما الماضى فنقول : الاحوال التى كانت حاصلة للإنسان فى الزمان الماضى ، إما أن يقال أنها كانت اسبابا للسعادة واللذة ، أو كانت أسبابا للذة والألم ، أو كانت غير موجبة لا لذاك ولا لهذا ، أو قدرنا أنها كانت موجبة للسعادة والغبطة ، فإما أن يقال : انها بقيت أو ما بقيت فإنها موجبة (٣) للسعادة ، وقد بقيت إلى الوقت الحاضر فمن المعلوم لا مرتبة إلا وفوقها مراتب غير متناهية هى أعلى وأكمل منها ، وإذا كان كذلك فكلما ابتهج الإنسان بتلك السعادة التى كانت حاصلة فى الماضى ، وبقيت إلى الزمان الحاضر حاصلة فى قلبه شعور سائر (٤) المراتب التى ما وجدها وما وصل إليها ، فيقع فى قلبه أنواع من الحسرة بسبب ما فاته من تلك السعادات.
__________________
(١) المخطوطة : الخسران
(٢) أيضا : يحر لا سال له
(٣) أيضا : فان موجبه للسعادة ،
(٤) أيضا : شعور بسائر المراتب