والصواب ، والاقبال على الضلال والاضلال فكان حراما. ثم ان التوسل إلى طلب الجاه بإظهار الصفات الحميدة مع كون الإنسان عاريا عنها ، ليس له مرتبة واحدة ، بل له مراتب لا نهاية لها فى القلة والكثرة والضعف والشدة ، فلا جرم لا نهاية للمراتب الأربعة فى هذه المرتبة.
(الفصل العاشر)
بيان السبب فى حب المدح والثناء وبغض الهجو والذم
له اسباب : الاول ان عند المدح يحصل شعور النفس بالكمال ، والكمال مجبوب لذاته (١ ، وكل محبوب فإداركه لذة ، فلهذا السبب كان سماع المدح لذيذا (١) ، وتقريره ان الوصف الّذي به مدح إما أن يكون جليا ظاهرا أو خفيا مستورا ، فإن كان جليا ظاهرا لم يقو الالتذاذ به ، فإن السلطان القاهر الّذي عظمت قدرته واتسعت مملكته إذا مدح بكونه لذلك لم يفرح به لأنه لما كان الوجود كان الشعور به حاصلا لكل احد ، والغرض من المدح تحصيل الشعور به وهو حاصل فجرى هذا مجرى تكوين الكائن وتحصيل الحاصل وانه لا فائدة فيه.
ثم هاهنا دقيقة وهى انه من الجائز أن يكون الإنسان موصوفا بصفات كثيرة ، كل واحد منها يكون ظاهر الوجود فلا يلتذ الانسان عند سماع كل واحد منها لكنه يلتذ بسماع مجموعها ، والسبب
__________________
(١) المخطوطة : لذيذ