فيه ان الذهن لا يحصل له شعور بالمجموع ، وإذا كان كذلك كان ذلك المجموع أخفى من كل واحد منها ، فلا جرم يلتذ الانسان إذا مدح بمجموع تلك الصفات فوق ما يلتذ إذا مدح بكل واحد منها.
وأيضا فحصول كل واحد منها اكثر وحصولها على الجمع أقل فالمدح بالمجموع اقرب إلى الشعور بالتفرد وقد ذكرنا انه الكمال الحقيقى فكلما كان اقرب منه كان إلى الكمال الحقيقى اقرب ، فكان اسماعه ألذ.
وأما القسم الثانى وهو أن يمدح بحصول صفات الكمال إما كمال فى الزهد او كمال فى القوة والسلطنة فذلك يورث اللذة من وجوه :
الأول ان الممدوح ربما كان شاكا فيه فإقرار المادح بذلك كالشهادة على ثبوته فيه (الورقة ٢٨٦ و) اعتقاده فى حصول ذلك الكمال له ، ويزول عنه الشك والريب ، ولما كان حصول الكمال محبوبا بالذات كان قوة الاعتقاد فى حصوله أقوى وألذ ، ولكن هذه اللذة من هذا الوجه إنما يحصل إذا صدر الثناء ممن لا يكذب ولا يخالف ـ وأما إذا كان كاذبا مجازفا فلا يحصل هذه اللذة.
الثانى ان صدور ذلك المدح عن ذلك المادح يدل على انه يقبله معتقدا فى كمال هذا الممدوح واعتقاد الفضيلة يوجب كون الناقص منقادا للكامل ومطواعا له ، فهذا المدح يدل على صيرورة ذلك المادح مسخرا بتسخير هذا المدح وذلك نوع قدرة ، والقدرة