وطريق الضبط ان نقول : هذه القوى الباطنة إما مدركة ، وإما متصرفة.
اما المدركة ، فإما ان تكون مدركة (١) لصور المحسوسات ، وهى القوى التى تجتمع فيها صور الحواس الخمسة وهى المسماة عندهم بالحس المشترك ـ وإما ان تكون مدركة للمعانى الجزئية التى لا تكون محسوسة لكنها تكون قائمة بالمحسوسات ، وهو مثل حكمنا بأن هذا الشخص صديق وذاك الآخر عدو ، وهذه القوة هى المسماة بالوهم ، ثم لكل واحد من هاتين القوتين خزانة ، فخزانة الحس المشترك هو الخيال ، وخزانة الوهم هى الحافظة ، والمجموع أربعة.
وأما المتصرفة فهى القوة التى تتصرف فى هذه الصور الجزئية ، والمعانى الجزئية بالتركيب تارة والتحليل أخرى ، وهى المسماة بالقوة المفكرة ، فهذه هى الحواس الخمسة (٢) الباطنة.
وأما النفس الإنسانية فقالوا : لها قوتان : نظرية وعملية (٣).
وأما النظرية فهى القوة التى باعتبارها يستعد جوهر النفس لقبول الصور الكلية المجردة.
وأما العملية (٤) فهى القوة التى باعتبارها يستعد جوهر النفس لتدبير هذا البدن ، والقيام باصلاح مهماته ، فهذا القول فى ضبط القوى النفسانية.
وأعلم أن الفلاسفة فرعوا هذه الاقوال على القوى ، فاسندوا كل فعل على حدة إلى قوة على حدة ، ثم زعموا أن بعضها قوى
__________________
(١) المخطوطة : يكون مدرك
(٢) أيضا : الخمس
(٣) أيضا : علمية
(٤) أيضا : العلميه