اما العلة الاولى وهو استشعار الكمال فيندفع بأن يعلم الممدوح انه غير صادق لكنه قصير بهذه (١) الجهة ، مختصر بجهة أخرى (٢) وهى أن الممدوح يعلم ان أقدام هذا المادح على الكذب وعلى إظهار هذا الخضوع ليس إلا لاستماحته وجذبه إليه بكونه يحب تسخيره ويكرمه وذلك أشعار لحصول القدرة من بعض الوجوه ، فإن اعتقد الممدوح أن هذا المادح لم يقل هذا المدح عن الحاجة والضرورة انقلب إلى محض السخرية والاستهزاء بالممدوح.
(الفصل الحادى عشر)
فى علاج حب الجاه
قد عرفت أنه لا معنى للجاه إلا ملك قلوب الناس ، وهذا وإن كان لذيذا نظرا إلى حصول القدرة التى هى من صفات الكمال يلزمه لوازم مكروهة :
الأول إن طلب المال وطلب الجاه انفعال للنفس ، وتأثر فيها بحب المال وحب الجاه ، والانفعال والتأثر من صفات الهيولى وقابلية العدم. (الورقة ٢٨٦ ظ) وعدم الالتفات إلى المال.
والجاه عبارة عن قوة فى النفس وشدة باعتبارها يمتنع من الانفعال من الغير وهذا هو صفة واجبة الوجود ، فالحاصل ان طلب
__________________
(١) المخطوطة : هذه
(٢) أيضا : مختصرة بجهته أخرى