الجاه طلب للقدرة ، والقدرة كمال فى الصفة ، وتأثر النفس لهذا الطلب يدل على كون الذات منفعلة ومتأثرة وهو نقصان فى الذات ، وإذا وقع التعارض بين النقصان فى الذات والنقصان فى الصفة ، فإن الأول أولى بالدفع.
الثانى أن طلب الجاه لا يمكنه تحصيله إلا بتحصيل موجباته ، وتلك الموجبات هى إن ظهرت (١) لهم أبدا ما يعتقدونه فضيلة عن كل ما يعتقدون كونه رذيلة وذلك بدون النفاق ، وأصل الفساد ، فإن هذا الإنسان ان لقى أهل التشبيه ولا بد أن يظهر من نفسه الميل إلى التوحيد ، وقس على هذا المثال جميع الأحوال المتباينة فى الدين وفى الدنيا ، ثم إذا أنى بهذا النفاق القبيح بقى أبدا فى خوف أن يفتضح ويظهر نفاقه فيرجع (٢) عنه جميع الفرق ، والنفس إذا وقعت فى هذه الدركات فقد ضلت وخسرت وصارت من الهالكين.
الثالث ان ملك القلوب ان سلم هذه المحنة فآخره الموت بل لو سجد (١ لك كل من فى المشرق والمغرب فإلى خمسين سنة لا يبقى الساجد ولا المسجود له بمثل هذه السعادة المشرفة على الزوال ، فلا ينبغى أن يرجح على السعادة الباقية أبد الآباد ، وهذا العلاج لا يتم إلا إذا نسبت مدة الحياة إلى ما سيجيء من غير الابد ، وذلك إنما يكون باستحقاق معنى الابد على الوجه الّذي لخصناه.
الرابع وهو أن الجاه معناه التفرد بالحكم والاستيلاء والاستعلاء ، ومعلوم انه إن حصل لك هذا المعنى بقى كل من سواك (٣) محروما
__________________
(١) المخطوطة : ظهر
(٢) أيضا : فرجع
(٣) أيضا : سؤال