القسم ممتنعا.
ومن الناس من يقول : الفضاء الّذي لا نهاية له ، والمدة التى لا نهاية لها من هذا القسم ، وفيه اسرار دقيقة غامضة (١) لا يليق ذكرها فى هذا الموضع.
الفصل الثالث
فى بيان مراتب الأرواح البشرية
اعلم أن الكلام فى تلخيص هذا المطلوب لا يتهذب إلا بتقديم مقدمة ، وهى أنا نعلم بالبداهة (٢) انا نحب شيئا ونكره شيئا. فنقول : إما أن يكون هاهنا شيء يكون محبوبا لذاته ، وشيء مكروها لذاته. وإما أن يقال أن كل شيء فإنما يكون محبوبا لاشتماله على شيء اخر. وإنما يكون مكروها لاشتماله على شيء آخر ، وهذا القسم الثانى باطل لا فضائه إما الى التسلسل (١ ، وإما إلى الدور (٢ ، وهما باطلان.
وهب أنا سلمنا صحة التسلسل والدور ، إلا انه (٣) على هذا التقدير لا يكون فى تلك السلسلة المادة ، والدائرة شيء يكون محبوبا فى نفسه ، فعلى هذا القول ، فإن كل شيء فانما يكون محبوبا لأجل اشتماله (٤) على شيء آخر. فوجب القول بأنه ليس هاهنا محبوب البتة ولا مكروه البتة ، لكنا قد بينا ان العلم البديهى حاصل
__________________
(١) المخطوطة : غميضه
(٢) أيضا : بالبديهة
(٣) أيضا : أن
(٤) أيضا : لاشتماله ، على هامش المخطوطة : لاجل اشتماله