من لا جاه له لا يمكنه حفظ ماله عن الهلاك ـ والتابع أخس من المتبوع فهذا الإنسان يكون المال عنده أثرا (١) من الجاه ، إلا أن الطبيعة البهيمية تكون غالبة على هذا الإنسان ، لأن المال من جنس المحسوسات ، والجاه من جنس المجردات ، فكل من كانت البهيمية أغلب عليه كان حب المال عنده آثر ، وكل من كانت الروحانية عليه أغلب كان الجاه عنده آثر (٢).
السبب الموجب لحب المال والجاه
له سببان :
احدهما ان حاجات الإنسان غير متناهية ولا دافع لها إلا المال ولازم المطلوب مطلوب ـ فلا جرم لزم أن يكون لا نهاية لحب المال ، والجاه صوان المال وحافظ له ، فصار الجاه أيضا محبوبا حبا لا نهاية له.
الثانى ما ذكرنا ان ملك المال وملك القلوب قدرة والقدرة كمال (٤) ، والكمال محبوب لذاته ، فهذه الاشياء محبوبة لذواتها ، وهذه القدرة بالنسبة إلى كل واحد من اعيان الاموال واعيان الارواح مملكته ، فلا جرم كانت محبوبة مطلوبة لأعداد غير متناهية (٣).
وأيضا كون كل (الورقة ٢٨٤ و) الاموال مملوكة وكون كل القلوب مملوكة يقتضي توحده بالمالكية والاستعداد والقهر ،
__________________
(١) المخطوطة : عنده اثر
(٢) أيضا : الجاه عند اثره
(٣) أيضا : للاعداد الغير متناهية.