وجد كنزا أو أراد أن يتوصل به إلى الجاه لم يتيسر له ، فالحاصل أن مالك الجاه مالك المال (١) ولا ينعكس ، فكان الجاه أفضل من المال وأحب.
والثانى وهو أن الارواح من جنس عالم الملائكة ، والذهب والفضة من الجمادات والتفاوت بين جوهر الملائكة ، وبين جوهر الجمادات كثير ، والاشرف اولى بالمحبوبية من الاخس ، فلا جرم كان الجاه أحب من المال.
الثالث ليس الّذي يحتاج الإنسان إليه من المال بخاصة نفسه قليل كالمأكول والملبوس ، وإنما يحتاج الإنسان إلى المال الكثير ليتوصل به إلى أن يصير مخدوما لغيره ، وإن كان غير خادم (٢) له ، والمخدومية عبارة عن التفرد بصفات الحلال والعزة وهو محبوب لذاته ـ فالجاه يوجب حصول هذا التفرد بلا واسطة والمال يوجبه بواسطة فذلك الأول أحب.
الرابع ان ملك القلوب (٣ ينمو ويتزايد بذاته ، فإن القلوب إذا دعيت لشخص واعتقدت كماله بعلم أو عمل اوضحت الالسنة بالثناء عليه ، وكل من سمع ذلك الثناء اعتقد أيضا فيه ، فثبت أن الجاه ينمو (٣) بذاته ، واما المال فإنه لا ينمو (٤) ولا يتزايد بذاته فكان الاول احب.
ومن الناس من قال أن الجاه إنما يراد ليكون صونا للمال ، فإن
__________________
(١) المخطوطة : مالك للجاه مالك للمال
(٢) أيضا : غير خادما له
(٣) أيضا : ينموا ... لا ينموا
(٤) أيضا : ينموا ... لا ينموا