أمواله ، والسخاء وان كان ينقص المال ظاهرا (١) لكنه يزيد من الوجه الّذي ذكرنا ، والبخل وإن كان يفيد حفظ المال ظاهرا لكنه يوجب نقصانه من الوجه الّذي ذكرناه.
وأيضا فهاهنا ، وهو ان الناس لما علموا من الإنسان كونه سخيا تطابقت هممهم على تحصيل الأموال الكثيرة له رجاء منهم ان رفعها إليهم ، وإذا علموا كونه بخيلا تطابقت همم الخلق على أن يصير ممنوعا عن الأموال ، وقد عرف أن همم الخلق لها تاثير شديد.
الحادى عشر أن السخى حيث ما حضر فرحت القلوب بحضوره واستبشرت الارواح نحو مقدمه والبخيل بالضد منه ، ولذلك قيل النفس الخيرة كالشمس النيرة.
الثانى عشر أن البخيل عند قرب الموت لا بد وأن يتمنى الإنفاق وإيصال الخيرات إلى الناس لأن حرصه عبارة عن شدة رغبته فى إمساك ذلك المال لنفسه ، فاذا تيقن بنزول الموت علم أنه لا يمكنه حفظ المال فى الحياة الدنيا ، ويعلم انه لا سبيل له إلى استصحابه معه ، فحينئذ يهون عليه صرفه عند القرب من الموت فى وجوه الخيرات (١٢ ؛ وربما كان فى ذلك الوقت لا يجد لسانا ناطقا ولا عقلا هاديا ، ويصير مبتلى (٢) بكرب الموت ، واقاربه لا يلتفتون إلى قوله ، ينصر ذلك من اعظم الحسرات فى قلبه ؛ وإليه الاشارة بقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) الآية (١٣
__________________
(١) المخطوطة : ظاهر
(٢) أيضا : مبتلا