البخل من غيره. وحينئذ يعلم أن حاله فى قلب غيره كحال سائر البخلاء فى قلبه (٧.
الرابع أن يتأمل فى المال ويعلم انه لا سبيل له إلى الانتفاع به إلا عند إخراجه من اليد.
والمنافع إما جسدانية وهى قليلة حقيرة ، ولا حاجة فى تحصيلها إلى المال الكثير ، وإما روحانية وحينئذ يقطع الإنسان بانه لا فائدة من المال بتحصيل هذه الفوائد الروحانية ، والأغراض النافعة ، فكانه قطع الوسيلة عن المقصود وذلك جهل.
الخامس يتفكر أنه وإن بالغ فى إمساك المال إلا أنه قد يتفق سبب تضييع المال ؛ ولا يبقى منه حمد (١) ولا أجر ، أما إذا صار مصروفا إلى وجوه الخيرات (٨ بقى (٢) الحمد والاجر عند الله تعالى كما قال : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (٩.
السادس ؛ الإنسان إذا عجز عن الإنفاق يبقى كالأسير فى قبضة استيلاء حب المال ؛ واذا قدر على الإنفاق صار كالمستولى عليه والقاهر له وكون الانسان قاهرا لغيره خير له من كونه مقهورا ؛ لأن الأول صفة الحق ، والثانى صفة الهيولى ، كما قال الله : (اللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (١٠.
السابع أنه إذا أمسك وما أنفقه فلا بد وأن يبقى ذلك المال بعد موته ، فكل من أخذه بعد موته يقول : هذا المال إنما جمعه ذلك البخيل الملعون فيصرفه فى وجوه منافع نفسه ولا يذكر ذلك الميت إلا باللعن ؛ ولا يبقى من ماله أثر فى حقه إلا الذم فى الدنيا والعقاب فى الآخرة.
__________________
(١) المخطوطة : حمل
(٢) أيضا : ففى