وعندى فى هذا الباب حالة خامسة : وهو أن يصير فارغا عن المدح وعن الذم بالكلية فلا يحبهما ولا يبغضهما ولا يلتفت قلبه إليهما ، وهذه (١) درجة الصديقين المستغرقين فى نور جلال الله تعالى ، لا يبقى فى قلبه محل إلى الالتفات إلى غير الله ، ومن لا يتصور الشيء لا يمكنه أن يحبه أو يبغضه ،
ثم قال الشيخ : وأهون المراتب هو المرتبة الأولى ثم الثانية وهى ضعيفة لأن الإنسان ، وان مكث عن اكرام المادح وإهانة الذام لكنه لا بد وأن يحض المادح بما يدل على أن قلبه إليه اميل ومحبته له آكد.
بيان حركات المدح : الحب والبغض من الاحوال القابلة للاشد والاضعف ، فلا جرم مراتب الناس فيه مختلفة.
فالمرتبة الأولى : أن يعظم حبه للمدح (١٠ والثناء حتى يدانيه (٢) بالعبادات ولا يبالى بارتكاب (٣) المحظورات (٤) ، ولا حد لاشتماله على قلوب الناس واستنطاق ألسنتهم بالمدح.
الثانية أن يطلب المدح لا بالرياء ولا بارتكاب المحرمات بل بالمباحات ، وهذا على شفا جرف هار ، فان حدود الكلام الّذي
__________________
(١) المخطوطة : وهذا
(٢) أيضا : يرى انه
(٣) أيضا : بالارتكاب
(٤) أيضا : المحضورات