كان الالتذاذ بالأكل أقل ، وأيضا إذا طال عهد الإنسان بالوقاع واجتمع المنى فى أوعيته ، حصلت فى تلك الأوعية دغدغة شديدة وتمدد وثقل وكلما كانت هذه الأحوال أكثر كانت اللذة الحاصلة عند ادفاع ذلك المنى أشد ، ولهذا السبب فإن لذة الوقاع فى حق من طال عهده بالوقاع يكون أكمل منها فى حق من قرب عهده به ـ فثبت أن هذه الأحوال التى ظن انها لذات جسمانية فهى فى الحقيقة ليست إلا دفع الآلام ـ وهكذا (١) القول فى اللذة الحاصلة بسبب لبس الثياب فإنه لا يمثل (٢) لتلك اللذة إلا بدفع ألم الحر والبرد.
ولما ثبت أن هذه اللذات الجسمانية لا حاصل لها إلا دفع آلام ، فنقول : سعادة الإنسان ليست عبارة عن رفع الآلام ، لأن هذا المعنى كان حاصلا عند عدمه ، فثبت أن السعادة الحقيقية للإنسان أمر مغاير لهذه الأحوال.
الحجة الخامسة هو ان الانسان من حيث يأكل ويشرب ويجامع ويؤذى خصمه ، يشارك بسائر الحيوانات (٤). ولا شك انه من حيث انه انسان اشرف من حيث انه حيوان ، فيلزم وقوع التساوى بين (٣) الجهة التى هى (٤) الشريفة وبين الجهة الخسيسة فى موجبات (٥) الشرف والكمال ، وذلك محال.
__________________
(١) المخطوطة : هكذى
(٢) أيضا : فانه لحصل
(٣) أيضا : من
(٤) أيضا : بين
(٥) أيضا : موجات