من هذه الأعضاء ، علمنا أنه لا يمكن أن يقال : الموصوف بكونه عضوا واحدا يصدق عليه بعينه أنه سميع ، بصير ، مكلف ، مأمور ، مثاب ، معاقب ، وقد دل قوله تعالى : «نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ (الورقة ٢٦٧ ظ) سَمِيعاً بَصِيراً» (١٢ على أن الإنسان شيء واحد مغايرا لهذا الجسد لكل واحد من اجزاء هذا الجسد وابعاضه ، وذلك هو المطلوب فإن عادوا وقالوا : إن قوله : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) (١٣ ، يدل على أن الإنسان بعض من الامشاج ومن النطفة ، لأن كلمة «من» للتبعيض.
فنقول : إنه سبق الجواب عنه بما لا يبقى للعاقل فيه شك ولا شبهة.
الحجة السابعة : قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (١٤ ، ومعلوم أن أحدا من العقلاء لا ينسى هذا الشكل المشاهد ، وهذا الجسد المحسوس ، فدل ذلك على أن النفس التى ينساها الإنسان عند فرط جهله شيء آخر غير هذا البدن.
الحجة الثامنة : قوله عليهالسلام : «من عرف نفسه عرف ربه» (١٥ ، وجاء فى كتب الله المنزلة : «يا انسان! اعرف نفسك تعرف ربك». ولو كان المراد من النفس هو البدن المشاهد والشكل المحسوس لما أمرنا بمعرفته لأن معرفته حاصلة بالضرورة وتحصيل الحاصل محال.
الحجة التاسعة : الأحاديث الكثيرة الواردة فى بيان أن الإنسان يبقى فاهما ناطقا عاقلا بعد موته ، وقال عليهالسلام : أنبياء الله لا يموتون ، ولكن ينقلون من دار إلى دار ، وقال عليهالسلام فى خطبة