الفصل الرابع
فى البحث عن ماهية جوهر النفس
اعلم أن الّذي يشير إليه كل أحد بقوله : «أنا جئت» ، يقول : «أنا انصرف» و «أنا سمعت» و «أنا فهمت» و «أنا فعلت» شيء غير هذه البنية (١ الظاهرة المحسوسة ، ويدل عليه المعقول والمنقول.
أما المعقول فمن وجوه : الأول أن نقول النفس واحدة ، ومتى كانت واحدة وجب أن تكون مغايرة لهذا البدن ولكل واحد من أجزائه.
أما المقدمة الأولى ، وهو قولنا : إن النفس واحدة فنحن هاهنا بين مقامين ، تارة ندعى العلم البديهى ، وتارة نقيم البرهان على صحة هذا المقام.
أما الأول وهو ادعاء البديهية ، فنقول : المراد من النفس ما إليه يشير كل أحد إلى ذاته المخصوصة بقوله (الورقة ٢٦٣ و) : «أنا» ، وكل أحد يعلم بالضرورة ، إذا أشار إلى ذاته المخصوصة بقوله : «أنا» فإن ذلك المشار إليه واحد غير متعدد.
فإن قيل لم لا يجوز أن يكون ذلك الشيء المشار إليه واحدا ، إلا أنه مركب من أشياء كثيرة : قلنا : إنه لا حاجة بنا فى هذا المقام إلى إبطال هذا السؤال ، بل نقول المشار إليه بقوله : «أنا» ، معلوم بالضرورة انه شيء واحد ، فأما ان ذلك الواحد ، هل هو واحد مركب من أشياء كثيرة ، أم هو واحد فى نفسه وذاته وحده وحقيقته مما لا