بأن هاهنا محبوبا ومكروها. هذا خلف ، فثبت ان هاهنا من هو محبوب لذاته ، وشيء هو مكروه لذاته.
ثم أنا لما بحثنا وتأملنا لم نجد شيئا يمكن أن يقال إنه محبوب لذاته سوى اللذة والكمال. وفى الحقيقة لا فرق بينهما ، لأن يكون لذيذا يكون سببا لحصول كمال حال الملتذ ، وما يكون كمالا يكون لذيذا ، إلا أنا سمينا اللذيذ الجسمانى باللذة واللذيذ الروحانى (١) بالكمال.
وأيضا المكروه بالذات هو الألم والنقصان ، وفى الحقيقة لا فرق بينهما على ما تقدم تقريره فالكمال محبوب لذاته بذاته ، من حيث انه كمالى ، والنقصان مكروه بذاته لذاته من حيث انه نقصان.
ومما يقرر هذه (الورقة ٢٦١ ظ) المقدمة بعد ما سبق البرهان القاهر وجوه :
الأول ان الناقص اذا وصف بصفات المدح فرح به وان كان يعرف ان القائل كاذب ، والكامل اذا وصف بصفات الذم حزن ، وان كان يعلم كذب القائل ، وما ذاك الا لأن تصور حصول الكمال لذاته لذيذ ، وتصور خيال النقصان مكروه لذاته.
الثانى إنك متى سمعت فى اخبار رستم واسفنديار (٣ شدة شجاعتهما واستيلائهما على الاقران دخل فى قلبك حب شديد لهما ، ولهذا السبب صار القاص يجمع العوم بأمثال هذه الحكايات ستخرجون الأموال منهم بهذه الطرق ، وذلك يدل على ان الكمال محبوب لذاته.
الثالث انا اذا حاولنا صنعة التجارة طلبنا من انفسنا انا لم اقدمنا
__________________
(١) المخطوطة والروحانى.