ثم إن مراتب هذا التأثر كثيرة ، فكلما كان ذلك التأثر أقوى وأشد كان ضعف النفس ودناءتها أشد ، وكلما كان عدم التأثر أشد وعدم الالتفات إليه (الورقة ٢٨٥ و) وقلة المبالاة به كانت النفس أشد قوة وأكمل وجودا وأبعد عن طبيعة العدم والانفعال ، وأصحاب علم الأخلاق يعبرون عن هذا المعنى فيقولون فى القسم الأول إنها نفس مطبوعة على طبيعة العبودية وملكة الهيولى ، والثانى نفس مطبوعة على الحرية وصفاء الجوهر وعدم التأثر.
(الفصل التاسع)
فى بيان ان طلب الجاه قد يكون واجبا
وقد يكون مندوبا ومباحا مكروها وحراما
فنقول : الجاه والمال أما أن يحصل بنفسه أو يحاول الإنسان تحصيله ،
أما الأول فلا بأس به ، لأنه لا جاه اوسع من جاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجاه الخلفاء الراشدين ، ومن بعد هم من علماء الدين ، ولهم فيه الجلالة العظيمة ولا عيب عليهم فيه.
واما القسم الثانى وهو طلب المال والجاه فنقول هذا على مراتب :
المرتبة الاولى أن يكون واجبا وهو قسمان : تارة فى الدين ، وتارة فى الدنيا.
اما فى الدين ، فهو ان الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما بعث لدعوة الخلق إلى الحق ، فلا بد وأن لا يظهر لهم إلا على الوجه الأحسن حتى يصير ذلك سببا لأن يقبلوا قوله ، وإلا صارت احواله منفرة فهاهنا طلب الجاه